2 قراءة دقيقة
إجراءات المصالحة

تعد قواعد عمل مكاتب المصالحة وإجراءاته الصادرة بقرار وزير العدل رقم (5595) وتاريخ 29/11/1440هـ، من العناصر الأساسية التي تلعب دوراً حاسماً في تعزيز العدالة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المملكة العربية السعودية، فهذه القواعد والإجراءات تهدف إلى توفير بيئة مناسبة لحل النزاعات وتحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة، مما يسهم في تعزيز التعايش السلمي وتحقيق التقدم والاستقرار، كما تتميز قواعد عمل مكاتب المصالحة بالمرونة والسرعة والكفاءة، فعندما يلجأ الأشخاص إلى مكتب المصالحة يتم تقديم إطار قانوني لحل النزاع وإجراءات لتحقيق المصالحة بطريقة غير معقدة، ويتم توفير الإرشاد والمساعدة للأطراف للتوصل إلى اتفاق نهائي يحقق مصالحهم ويحافظ على حقوقهم، وعلى مر السنوات أصبحت مكاتب المصالحة وإجراءات المصالحة في المملكة العربية السعودية أداة حيوية، حيث يمكن للأطراف المتنازعة تجنب الإجراءات القضائية الطويلة والمكلفة، وبدلاً من ذلك يمكنهم الوصول إلى حلول سريعة وفعالة للنزاعات وتحقيق المصالحة بطرق مرنة ومتفاوتة حسب طبيعة النزاع، ومن هذا المنطلق سوف نركز حديثنا في هذا المقال على كل ما يخص إجراءات المصالحة في المملكة العربية السعودية وفقاً لما جاء في قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته.

ما هي المصالحة في النظام السعودي؟

إن المصالحة في المملكة العربية السعودية عبارة عن وسيلة رضائية لتسوية المنازعات تتولاها مكاتب مصالحة صلحاً كلياً أو جزئياً، حيث تتبع تلك المكاتب مركز المصالحة المنشأ بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (103) وتاريخ 1434/4/8هــ.

إقرأ أيضاً: إجراءات التحكيم وفق نظام التحكيم السعودي


ما هي اختصاصات مكاتب المصالحة في النظام السعودي؟

 تتولى مكاتب المصالحةِ في المملكة العربية السعودية المصالحةَ في المنازعات الآتية: 

  • المنازعات المحالة من المحاكم.
  • المنازعات التي يحيلها أطرافها أو بعضهم إلى مكاتب المصالحة ابتداء، أو بعد البدء في نظر المنازعة في أي مرحلة من مراحل الدعوى مع مراعاة إشعار ناظر القضية بذلك.

هذا ولا تتولى مكاتب المصالحة المصالحة فيما لا يجوز الصلح فيه شرعاً، ولا ما ليس لأطراف المصالحة حق الصلح فيه، ولا ما يخالف نظاماً.

ما هي إجراءات المصالحة في النظام السعودي؟

تضمنت قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته بيان إجراءات المصالحة على النحو التالي:

- قيد المصالحة وإحالتها إلى مكتب المصالحة 

يحال طلب المصالحة من المحاكم وفقاً للنموذج المعتمد إلى مكتب المصالحة في نفس المحكمة المرفوع لديها الدعوى، فإن لم يكن فيها مكتب مصالحة فتحال إلى مكتب المصالحة الذي يحدده المركز، أما إذا تقدم الأطراف أو أحدهم بطلب المصالحة من غير إحالة من المحكمة، فيقدم الأطراف أو أحدهم الطلب إلى المركز أو مكاتب المصالحة وفقًا للنموذج المعتمد، ويتولى المصالحةَ المكتب الذي تقدم إليه الأطراف أو الجهة التي يحددها المركز.

هذا ويقيد طلب المصالحة يوم إحالته، ويعطى رقماً يميزه، ويحيل مدير مكتب المصالحة المختص أو من يفوضه طلب المصالحة إلى المصلحين من منسوبي الوزارة أو المصلحين المسجلين مراعياً المصلحة والتعليمات التي يصدرها المركز في هذا الشأن، ومراعياً رغبة الأطراف ما أمكن.

- تحديد موعد الجلسات ومكانها وإبلاغ الأطراف 

 أوضحت قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته أنه ما لم ينص المركز في المنازعة محل المصالحة على مدد خلاف ذلك، يحدد مكتب المصالحة موعداً لجلسة المصالحة خلال مدة لا تزيد عن 14 يوماً من تاريخ قيد طلب المصالحة، ويُبلغ أطراف المصالحة بالموعد عن طريق مكتب المصالحة أو طالب الصلح، وفي حال غياب الأطراف أو أحدهم فيحدد المكتب موعداً آخر خلال سبعة أيام من الموعد الأول مع مراعاة مناسبته للأطراف ما أمكن، وفي حال غياب الأطراف أو أحدهم للمرة الثانية أو تعذر تبليغهم فيحفظ طلب المصالحة، وتبلغ المحكمة المحيلة إذا كان الطلب محالاً، كما إنه تعقد جلسات المصالحة في مقر مكتب المصالحة، ويجوز عقدها إلكترونياً عن بعد أو في مقر آخر مناسب، على أن تراعى الضوابط والشروط التي يصدرها المركز في هذا الشأن. 

- حضور جلسات المصالحة 

 يقتصر حضور جلسات المصالحة على من يأتي: 

  • المصلح.
  • أطراف المصالحة الأصليين، ولهم توكيل من يحضر نيابة عنهم بشرط وجود وكالة تخول الوكيل الصلح، ويحضر عن الشخصية الاعتبارية ممثلها النظامي الذي له صلاحية الصلح عنها أو من يوكله.
  • وكلاء أطراف المصالحة ولو مع حضور من وكلهم.
  • من يقبل جميع الأطراف حضوره قبل المصالحة أو أثناءها.

 كما يجب على من يحضر جلسات المصالحة من غير المصلحين ومعاونيهم التوقيع على تعهد بعدم الإفصاح وبالالتزام بآداب جلسات المصالحة. 

- إجراءات جلسة المصالحة 

على المصلح في بداية الجلسة التحقق من هوية أطراف المصالحة، ومن أهليتهم الشرعية والنظامية لإجراء الصلح، حيث أن المصلح هو المسؤول عن ضبط جلسات المصالحة، وعليه السعي إلى وصول أطراف المصالحة إلى صلح منه للخصومة ملتزماً بأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وبالقيم المنصوص عليها، وبما يصدره المركز من أدلة إجرائية، وإذا كان بين الأطراف أكثر من منازعة ولو تعددت اختصاصاتها فيسعى إلى وصول الأطراف إلى صلحٍ ينهي جميع هذه المنازعات.

كما أن للمصلح لغرض الوصول إلى الصلح الاجتماع أثناءَ الجلسة أو قبلها بأحد الأطراف دون الآخرين، كما أن له الاجتماع بالأطراف دون وكلائهم، على ألا يخل ذلك بقيم المصالحة ولا يؤدي إلى محظور شرعي، ومن ناحية أخرى لا يجوز للمصلح إكراه أطراف المصالحة أو بعضهم على قبول الصلح.

هذا ويكون على أطراف المصالحة الالتزام بآداب الحوار وبتعليمات المصلح، كما إنه تكون إجراءات المصالحة ومداولاتها باللغة العربية ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، على أن يحرر محضر الصلح باللغة العربية، ويجوز عقد أكثر من جلسة للمصالحة على ألا تزيد عن ثلاث جلسات، وألا تزيد المدة من حين بدء الإجراءات عن ثلاثين يوماً، ويستثنى من ذلك:

  • المنازعات التي ينص مكتب المصالحة فيها على مدد أطول.
  • المنازعات الأخرى عند موافقة مدير مكتب المصالحة على التمديد بناء على سبب يبينه المصلح.

- سرية جلسات المصالحة 

 تكون جلسات المصالحة سرية، ولا يجوز الإفصاح عما دار فيها من معلومات ووثائق وما نتج عنها من محاضر صلح، أو تقديمه كإثباتٍ أو الشهادة به أمام الجهات القضائية، ولجان فصل المنازعات، وهيئات التحكيم، إلا في الأحوال الآتية وفي حدود ما يتحقق به الغرض: 

  • الإفصاح الذي يقتضيه تنفيذ محضر الصلح.
  • تقديم أحد أطراف المنازعة في إجراءات التقاضي أو التحكيم ما قدمه هو في جلسات المصالحة من مستندات وحقائق متعلقة بموضوع المنازعة، أو ما كان عنده أو اطلع عليه بطريق مشروع قبل جلسات المصالحة.
  • الإفصاح عن اسم المصلح أو وجود إجراءات مصالحة بشكل عام دون تفصيل لما دار فيها.
  • الإفصاح الذي يتفق عليه أطراف المنازعة.
  • الإفصاح الاستثنائي الذي يُلزم به نظام في حدود أحكامه.
  • الإفصاح الذي يحول دون ارتكاب جريمة.
  • الإفصاح بمخالفة ارتكبها المصلح.

 إقرأ أيضاً: طرق الإعتراض على أحكام المحكمة التجارية 

- حالات انتهاء المصالحة 

 تنتهي المصالحة في أي من الأحوال الآتية: 

  • إذا توصل أطراف المصالحة إلى صلح منهٍ للخصومة.
  • إذا غاب أحد أطراف المصالحة.
  • إذا انسحب أحد أطراف المصالحة في أي مرحلة من مراحلها.
  • إذا تعذر الصلح من أحد أطراف المصالحة لوفاته أو انقضاء شخصيته الاعتبارية أو غير ذلك.
  • إذا تجاوزت جلسات المصالحة عدد الجلسات أو المدد المنصوص عليها.
  • إذا رأى المصلح عدم جدوى المضي في إجراءات المصالحة أو تكررت مخالفة أطرافها لآداب المصالحة وإجراءاتها فله الاعتذار، ويرفع بذلك إلى مدير مكتب المصالحة للتقرير في إنهاء المصالحة أو إحالتها إلى مصلح آخر.

- تحرير محاضر جلسات المصالح

 لا يحرر المصلح محضراً لجلسات المصالحة، ويكتفي بتحرير الآتي: 

  • إذا انتهت المصالحة بغير صلح، فيحرر المصلح تقريراً بذلك يدون فيه المعلومات الأساسية وفقاً للنموذج المعتمد، بما يشمل تاريخ جلسات المصالحة، ومكان انعقادها، واسم المصلح وأطراف المصالحة ومعلوماتهم الأساسية، وأسماء من حضر الجلسة، وملخص المنازعة محل المصالحة دون أن يذكر ما دار في الجلسة، وتحفظ المعاملة مع إشعار المحكمة المحيلة بذلك إذا كانت القضية محالة.
  • إذا انتهت المصالحة بصلح في بعض المنازعة، فيحرر المصلح تقريراً بانتهاء المصالحة بغير صلح كامل، كما يحرر محضر صلح بما تمت المصالحة فيه ويبين فيه جزء المنازعة الذي تم الصلح فيه، ويكون له أحكام وإجراءات محضر الصلح، وتحفظ المعاملة مع إشعار المحكمة المحيلة بذلك إذا كانت القضية محالة.
  • إذا انتهت المصالحة بصلح كامل، فيحرر المصلح محضر صلح، وتشعر المحكمة المحيلة بذلك إذا كانت القضية محالة.

ما هي ضوابط تحرير المصلح لمحضر الصلح؟



 تضمنت قواعد العمل في مكاتب المصالحة وإجراءاته بيان ضوابط تحرير المصلح لمحضر الصلح على النحو التالي: 

- شكل محضر الصلح وشروطه 

يحرر المصلح محضراً يبين فيه جميع ما اتفق عليه أطراف المصالحة من شروط وأحكام لإنهاء الخصومة، ويشترط فيه الآتي:

1- أن تكون شروط الصلح والتزامات الأطراف معلومة قابلة للتنفيذ، وألا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المرعية.

2- أن يكون محضر الصلح وفقًا للنماذج المعتمدة إن وجدت، وأن يتضمن المعلومات الآتية:

أ- تاريخ الصلح.

ب- اسم المصلح.

ج- أسماء أطراف المصالحة، وبياناتهم الأساسية بما يشمل رقم هوية الشخص الطبيعي والترخيص للشخص المعنوي، وأرقام الوكالات للوكلاء.

د- ملخص للمنازعة وطلبات الأطراف.

هـ- التسوية التي اتفق عليها الأطراف وجميع شروطها وتفاصيلها وطريقة تنفيذها.

3- أن يذيل محضر الصلح بتوقيع المصلح وأطراف المنازعة أو وكلائهم المفوضين بقبول الصلح، ويغني عنه التوقيع الإلكتروني في المحاضر المدونة إلكترونياً وفقاً للأنظمة ذات العلاقة.

- إجراءات اعتماد محضر الصلح وحجيته

 بعد توقيع المصلح والأطراف على محضر الصلح، يعتمده مدير مكتب المصالحة الذي جرى فيه الصلح، أو الأمين العام أو من يفوضه للمحاضر الصادرة عن المصلحين المسجلين ومحاضر الصلح الإلكترونية، كما إنه مع مراعاة سرية جلسات المصالحة، لأمين المركز أن يفوض وحدة إدارية في المركز بمراقبة جودة محاضر الصلح ومراجعتها قبل اعتمادها، ويكون محضر الصلح ملزم لأطراف المصالحة بتوقيعهم عليه، ويكون بعد اعتماده سنداً تنفيذياً تطبق عليه أحكام السندات التنفيذية الواردة في نظام التنفيذ، ولا يحق لأحد أطراف المصالحة فسخ محضر الصلح بعد لزومه أو إبطاله إلا بموافقة جميع الأطراف أو لمقتضى شرعي أو نظامي. 

- حفظ وتسليم محضر الصلح ونسخه 

يُسلم كل طرف نسخة من محضر الصلح بعد اعتماده، وترسل مكاتب المصالحة والمصلحون المسجلون نسخة إلكترونية من محاضر الصلح إلى المركز، ويحفظها إلكترونياً بما يحافظ على سريتها، ويسهل الرجوع إليها عند الحاجة.

إقرأ أيضاً: خدمات التقاضي والترافع


- تفسير محاضر الصلح 

يُفسر محضر الصلح عند طلب تفسيره المخول باعتماده أو من يحدده الأمين العام وذلك بعد الرجوع إلى المصلح، ويصدر التفسير كتابة، ويبلغ لجميع الأطراف، ويعد بعد اتفاق الأطراف عليه متمماً لمحضر الصلح تسري عليه أحكامه.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.