1 قراءة دقيقة
التحكيم التجاري: استكشاف فوائد البديل الأمثل لتسوية المنازعات واختيار المحكم المناسب

تتطلع المملكة العربية السعودية دائماً إلى إضفاء كافة الأساليب العلمية والعملية الدولية على جميع مجالاتها وأيضاً شؤونها الداخلية بما يسمح لها الوصول إلى النتائج المرموقة التي تعد أبرز سمات رؤيتها لعام 2030م، حيث نرى أحدث الأساليب التي استحدثتها المملكة العربية السعودية بشأن مجال التجارة والاستثمار من حيث إصدار الأنظمة والتشريعات المميزة والمستقطبة بشكل كبير للاستثمار الأجنبي بجانب تشجيع الاستثمار المحلي، وكعادة المملكة يجب أن يكون الاهتمام بأي مجال كامل ومتكامل، ولهذا حرصت المملكة العربية السعودية على وضع أنظمة أخرى ذات شأن هام تكون مساندة لمجال الاستثمار داخل المملكة، ولعل من أهم تلك الأنظمة السعودية هو نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/34 بتاريخ 24/5/1433هـ، حيث يعتبر هذا النظام بمثابة الحصن الآمن سواء للمستثمر المحلي أو الأجنبي كونه البديل الأمثل لتسوية المنازعات، ومن هذا المنطلق حرصنا على توضيح بعض أهم النقاط الهامة التي تضمنها نظام التحكيم السعودي كاتفاق التحكيم واختيار المحكم المناسب، هذا بالإضافة لبيان بعض أهم إجراءات التحكيم، والإشارة لحالات انتهاء إجراءات التحكيم في المملكة العربية السعودية.

ما هو اتفاق التحكيم؟

إن اتفاق التحكيم وفق ما ورد في المادة الأولى من نظام التحكيم السعودي عبارة عن اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في شأن علاقة نظامية محددة، تعاقدية كانت أم غير تعاقدية، سواءً أكان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد أم في صورة مشارطة تحكيم مستقلة.

والجدير بالإشارة، أنه يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقاً على قيام النزاع سواء أكان مستقلاً بذاته، أم ورد في عقد معين، كما يجوز أن يكون اتفاق التحكيم لاحقاً لقيام النزاع، وإن كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام المحكمة المختصة، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم، وإلا كان الاتفاق باطلاً.

اقرأ أيضاً: إجراءات التحكيم وفق نظام التحكيم السعودي

هذا بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً، وكذلك يكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر صادر من طرفي التحكيم، أو إذا تضمنه ما تبادلاه من مراسلات موثقة، أو برقيات، أو غيرها من وسائل الاتصال الإلكترونية، أو المكتوبة، وتعد الإشارة في عقد ما، أو الإحالة فيه إلى مستند يشتمل على شرط للتحكيم، بمثابة اتفاق تحكيم. كما يعد في حكم اتفاق التحكيم المكتوب كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجي، أو اتفاقية دولية، أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد، وكل هذا وفق ما جاء في نص المادة التاسعة من نظام التحكيم السعودي.

ما هي الحالات التي يعتبر فيها التحكيم تحكيماً تجارياً؟

أوضحت المادة الثالثة من نظام التحكيم السعودي أنه يكون التحكيم دولياً في حكم نظام التحكيم السعودي إذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية، وذلك في الأحوال الآتية:-

1- إذا كان المركز الرئيس لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في أكثر من دولة وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع، وإذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم أو كليهما مركز أعمال محدد فالعبرة بمحل إقامته المعتاد.

2- إذا كان المركز الرئيس لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في الدولة نفسها وقت إبرام اتفاق التحكيم، وكان أحد الأماكن الآتي بيانها واقعاً خارج هذه الدولة:

أ- مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم، أو أشار إلى كيفية تعيينه.

ب- مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة من العلاقة التجارية بين الطرفين.

ج- المكان الأكثر ارتباطاً بموضوع النزاع.

3- إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة أو هيئة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره خارج المملكة.

4- إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة.

اقرأ أيضاً: أهمية صياغة ومراجعة العقود والاتفاقيات القانونية


ما هي الشروط الواجب توافرها في المحكم؟

أفادت المادة الرابعة عشرة من نظام التحكيم السعودي بأنه يشترط في المحكم ما يأتي: -


  1. أن يكون المحكم كامل الأهلية.
  2. أن يكون المحكم حسن السيرة والسلوك.
  3. أن يكون المحكم حاصل على الأقل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية، وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم فيكتفي توافر هذا الشرط في رئيسها.

ما هي الأثار المترتبة على عدم الاتفاق على اختيار محكم؟

بينت المادة الخامسة عشرة من نظام التحكيم السعودي أن لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين، فإذا لم يتفقا اتبع ما يأتي: -

أ- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المختصة اختياره.

ب- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً عنه، ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال خمسة عشر يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال خمسة عشر يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما، تولت المحكمة المختصة اختياره بناءً على طلب من يهمه التعجيل وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب، ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة المختصة رئاسة هيئة التحكيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين.

ومن ناحية أخرى، فإذا لم يتفق طرفا التحكيم على إجراءات اختيار المحكمين أو خالفها أحد الطرفين أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن، تولت المحكمة المختصة بناءً على طلب من يهمه التعجيل القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل.

كما تراعي المحكمة المختصة صاحبة الولاية نظاماً بالفصل في المنازعات التي اتفق على التحكيم فيها في المحكم الذي تختاره الشروط التي نص عليها اتفاق الطرفين وتلك الشروط التي يتطلبها هذا النظام، وتُصدر قرارها باختيار المحكم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب.

هل يجوز رد المحكم؟

أوضحت الفقرة الثالثة من المادة السادسة عشرة من نظام التحكيم السعودي أنه لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكاً جدية حول حياده أو استقلاله، أو إذا لم يكن حائزاً لمؤهلات اتفق عليها طرفا التحكيم، وكذلك أفادت الفقرة الرابعة من ذات المادة بأنه لا يجوز لأي من طرفي التحكيم طلب رد المحكم الذي عينه أو اشترك في تعيينه إلا لأسباب اتضحت بعد أن تم تعيين هذا المحكم.

ومن جانب أخر بينت المادة السابعة عشرة من نظام التحكيم السعودي، أنه إذا لم يكن هناك اتفاق بين طرفي التحكيم حول إجراءات رد المحكم، يقدم طلب الرد كتابةً إلى هيئة التحكيم مبيناً فيه أسباب الرد خلال خمسة أيام من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل الهيئة أو بالظروف المسوغة للرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده أو لم يوافق الطرف الآخر على طلب الرد خلال خمسة أيام من تاريخ تقديمه، فعلى هيئة التحكيم أن تبت فيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمه، ولطالب الرد في حالة رفض طلبه التقدم به إلى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً، ويكون حكمها في ذلك غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن.

كما لا يُقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المحكم نفسه في التحكيم نفسه للأسباب ذاتها، والجدير بالذكر أنه يترتب على تقديم طلب الرد أمام هيئة التحكيم وقف إجراءات التحكيم، ولا يترتب على الطعن في حكم هيئة التحكيم الصادر برفض طلب الرد وقف إجراءات التحكيم.

وإذا حُكم برد المحكم سواء من هيئة التحكيم أم من المحكمة المختصة عند نظر الطعن، ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم التحكيم كأن لم يكن.

ما هي الأثار المترتبة على تعذر المحكم أداء مهامه أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها؟

أفادت المادة الثامنة عشرة من نظام التحكيم السعودي بأنه إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدي إلى تأخير لا مسوغ له في إجراءات التحكيم ولم يتنح، ولم يتفق طرفا التحكيم على عزله، جاز للمحكمة المختصة عزله بناءً على طلب أي من الطرفين، بقرار غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن.

كما انه من ناحية أخرى ما لم يكن المحكم معيناً من المحكمة المختصة، فإنه لا يُعزل إلا باتفاق طرفي التحكيم، وللمعزول المطالبة بالتعويض إن لم يكن العزل قد حصل بسبب منه.

ما هي لغة إجراء التحكيم؟

أوضحت المادة التاسعة والعشرون من نظام التحكيم السعودي أنه يجرى التحكيم باللغة العربية ما لم تقرر هيئة التحكيم أو يتفق طرفا التحكيم على لغة أو لغات أخرى، ويسري حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة والمرافعات الشفهية، وكذلك على كل قرار تتخذه هيئة التحكيم أو رسالة توجهها أو حكم تصدره، ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك، كما أن لهيئة التحكيم أن تقرر أن يرافق كل الوثائق المكتوبة أو بعضها التي تقدم في الدعوى ترجمة إلى اللغة أو اللغات المستعملة في التحكيم، وفي حالة تعدد هذه اللغات يجوز للهيئة قصر الترجمة على بعضها.

اقرأ أيضاً: أهمية الاستشارة القانونية


ما هي حالات انتهاء إجراءات التحكيم في المملكة العربية السعودية؟

بينت المادة الحادية والأربعون من نظام التحكيم السعودي أنه تنتهي إجراءات التحكيم بصدور الحكم المنهي للخصومة، أو بصدور قرار من هيئة التحكيم بإنهاء الإجراءات في الأحوال الآتية:-

  • إذا اتفق طرفا التحكيم على إنهاء التحكيم.
  • إذا ترك المدعي خصومة التحكيم، ما لم تقرر هيئة التحكيم بناءً على طلب المدعى عليه أن له مصلحة جدية في استمرار الإجراءات حتى يحسم النزاع.
  • إذا رأت هيئة التحكيم لأي سبب آخر عدم جدوى استمرار إجراءات التحكيم أو استحالته.
  • صدور أمر بإنهاء إجراءات التحكيم.

هذا ومن ناحية أخرى، لا تنتهي إجراءات التحكيم بموت أحد طرفي التحكيم أو فقد أهليته ما لم يتفق من له صفة في النزاع مع الطرف الآخر على انتهائه ولكن يمتد الميعاد المحدد للتحكيم ثلاثين يوماً، ما لم تقرر هيئة التحكيم تمديد المدة مدة مماثلة أو يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.