2 قراءة دقيقة
الإستثمار الجريء في السعودية

الاستثمار الجريء في السعودية هذا النوع من الاستثمار الذي أصبح من أكثر العناوين حديثاً بين المستثمرين ورواد الأعمال وأكثرها بحثاً سواء على محركات البحث أو مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، فهناك من يسأل كيف استثمر في الاستثمار الجريء؟ .. ما هي صناديق الاستثمار الجريء؟ .. كيف استثمر في شركات ناشئة؟ .. من هم المستثمرين الملائكيين؟ .. كيف تمول شركة ناشئة؟ .. ما المقصود براس مال المخاطر؟ .. إلى غير ذلك من الأسئلة التي تدور حول التعرف على الإستثمار الجريء بشكل عام وفي المملكة العربية السعودية بشكل خاص.

فكما هو معروف أن فرص الإستثمار في المملكة العربية السعودية أصبحت في تزايد يوماً بعد يوم، حيث حرصت السعودية لتنوع مصادر استثماراتها في مجالات عدة وعدم الاكتفاء بالاستثمار في مجال النفط فقط، فتم وضع العديد من الحزم التشريعية المتنوعة التي تخدم وتجذب وتستقطب كافة فئات المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب لإستثمار رؤوس الأموال في مشروعات إستثمارية على الأراضي السعودية، مما يعود عليهم بالأرباح والعوائد المرجوة، وكذلك مما يسهم في إزدهار الإقتصاد السعودي بين دول العالم، والذي يعد الهدف الأساسي لرؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030م، ورجوعاً لما بدائنا به جاء أيضاً ضمن أهداف تلك الرؤيا فيما يخص تنمية القطاع المالي والخاص نوع من الإستثمارات الحديثة والتي باتت من أهم أنواع الإستثمارات في المملكة ألا وهو الإستثمار الجريء، والذي سنقوم بتسليط الضوء عليه بشكل وافي ومبسط.

ما هو الإستثمار الجريء في السعودية؟

في بداية الأمر يعد أمر الإستثمار في الأساس عبارة عن القيام بشراء أصول بهدف الحصول على أرباح وعوائد مادية تكون على أمل بكونها أكثر من القيمة الشرائية، فالاستثمار يشكل الجزء الهام والحيوي في الاقتصاديات العالمية والمحلية وكذلك يعد المحرك للأعمال التجارية الكبيرة، فأي شخص يكون هدفه الأساسي من خلال القيام بعمليات الإستثمار في السعودية هو جني الأرباح المستقبلية، ولكن تلك الإستثمارات قد يرافقها بعض المخاطر، بجانب عدم القدرة على تحديد الأرباح بدقة أو توقع اتجاهاتها.

ولعل أكثر الإستثمارات التي يتم التركيز عليها في المملكة العربية السعودية، هي الإستثمارات المتعلقة بالأسواق المالية مثل الأسهم والسندات وصناديق الإستثمار، وأيضاً يمكن القيام بأنواع إستثمارات أخرى كالاستثمار العقاري والأعمال الفنية والمقتنيات، وصولاً إلى الإستثمار الجريء في الشركات سريعة النمو وشركات التكنولوجيا.

قد يهمك قراءة: ترخيص شركات التمويل في السعودية


فالاستثمار الجريء في السعودية يعد شكل من أشكال التمويل المالي وتأمين الخبرات العملية لرواد الأعمال الناشئين والشركات الناشئة، حيث تسعي الشركات الناشئة للحصول على الإستثمار الجريء لتحقيق معدلات نمو أعلى، وذلك من خلال الآتي: -

  • تطوير المنتج.     
  • التوسع في أسواق جديدة.  
  • تحسين العمليات.       
  • زيادة التوظيف.

وشركات الإستثمار الجريء في السعودية تقوم بصفقات الإستثمار في الشركات الواعدة من خلال شراكات بين شركات الإستثمار الجريء وشركاء محدودين.

والجدير بالذكر أنه يمكن تعريف الإستثمار الجريء أيضاً برأس المال المخاطر أو الإستثمار المغامر، فهو يعتبر أحد أشكال الإستثمار عالي المخاطر في الشركات الصغيرة والتي تكون ناشئة، حيث ترى الشركات الممولة أن تلك الشركات الناشئة والصغيرة تمتلك عوامل نمو مرتفعة مستقبلاً، مما يحقق لها الكثير من العوائد التي تناسب حجم المخاطرة.

وشركات الإستثمار الجريء تمول الشركات الناشئة والواعدة، وتعمل على تقديم الإرشادات لها، والتمويل المقدم لتلك الشركات وتستخدم من أجل ذلك رأس المال تم جمعه من شركاء محدودين يقدمون المال لشركات الإستثمار الجريء لتقوم بتوظيفه بالنيابة عنهم.

ويكون علينا من المفيد في مستهل الحديث أن نوضح أن صناديق الإستثمار الجريء تتملك حصص أقلية في الشركات التي تستثمر بها، أي بنسبة 40% أو أقل من ذلك، وهذا يكون سببه أن الشركات سريعة النمو تستهدف الحصول على التمويل من خلال الإستثمار على شكل جولات إستثمارية متعددة وعلى مراحل، كما أنه ففي العادة يصحب هذه الإستثمارات بعض المخاطر وهي غالباً ما تحصل في المرحلة الأولى من إنشاء الشركة.

قد يهمك قراءة: كيفية تحصيل الديون المتأخرة

كيف يعمل الإستثمار الجريء في السعودية؟

وتوضيحاً لكيفية عمل الإستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية فإن الشركات الناشئة تمر خلال نموها بمراحل كثيرة، حيث قد يركز المستثمرون أو شركات الإستثمار الجريء على مراحل دون سواها، وهذا التركيز يؤثر على طريقة الإستثمار في الشركات الناشئة، ومن تلك المراحل التي تمر بها هذه الشركات الآتي:

أولاً: مرحلة التأسيس

وفي تلك المرحلة من الإستثمار الجريء يؤمن المستثمر الجريء فيها رأس مال صغير لشركة ناشئة في أولى مراحلها، حتى تتمكن من تنفيذ عمليات التطور، أو دراسة السوق، أو حتى تطوير خطة العمل، وهذه المرحلة عادةً ما تكون بمثابة الإستثمار الرسمي الأول الذي تحصل عليه الشركة الناشئة، وفي المقابل يحصل المستثمرون الجريئون من الشركة الناشئة على نسبة نتيجة لاستثماراتهم فيها أو على أسهم مميزة تمنح المستثمر الجريء حقوق ومزايا خاصة تكون مناسبة مع طبيعة المخاطر.

ثانياً: المرحلة الأولية أو الجولة الإستثمارية

وفى تلك المرحلة من الإستثمار الجريء تُستهدف الشركات في طور النمو، كما تكون مبالغ الإستثمار في تلك المرحلة أكبر من مرحلة التأسيس السابق بيانها، وذلك نتيجة أن الشركات الجديدة بحاجة إلى رأس مال أكبر لبدء عملياتها.

ثالثاً: المرحلة المتقدمة

 تتمكن الشركات في المرحلة المتقدمة من الإستثمار الجريء من الوصول بمنتجاتها الأساسية إلى سوق مستهدف، وإظهار مستوى معين من الجدوى، هذا بالإضافة تتمتع الشركات بحضور قوي في السوق، ومنتجات معروفة، وأيضاً تتابع بالفعل شركات ناشئة أخرى للإنضمام إلى محفظتها وتقترب من الربحية أو تحقيق الأرباح والعوائد.

ما الفرق بين الإستثمار الجريء والإستثمار بالأسهم في السعودية؟

ولعل من أكثر الأسئلة المتكررة بخصوص الإستثمار الجريء، هو ما الفرق بين الإستثمار الجريء والإستثمار بالأسهم في السعودية، والرد على هذا التساؤل يكون في منتهى البساطة، فإن مستثمري الأسهم يستهدفون الشركات الكبرى التي تكون ذات أعمال قائمة بالفعل، بالإضافة لتوافر الخبرة لديها في إدارة شؤونها، حيث ينحصر هنا  دور المستثمر بالأسهم أو ما يسمى بالمساهم في مجرد حضور اجتماعات الجمعيات العمومية في تلك الشركات والمشاركة في التصويت على القرارات التي تصدرها الشركة، كما تكون إستثمارات المساهمون هنا أقل عرضة للمخاطر عن الإستثمار الجريء في الشركات الناشئة، حيث يتم في الإستثمار الجريء المغامرة برأس المال المدفوع للشركة الناشئة مما تكون المخاطرة في هذه الحالة عالية.

قد يهمك قراءة: وكالات التصنيف الإئتمانى


ماذا يميز الإستثمار الجريء عن الإستثمار التقليدي في السعودية؟

الإستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية يتميز عن الإستثمار التقليدي بعدة نقاط، فكما ذكرنا أن الإستثمار الجريء يميل إلى استهداف شركات تحدث نقلة نوعية في المملكة وتغييرا كبيرا في السوق وفي طريقة تقديم الخدمات والمنتجات ونماذج العمل، بجانب إحداث الإرباك للمنافسين التقليديين، هذا بالإضافة إلى أن الإستثمار الجريء في السعودية ينطوي على عوائد إستثمارية أكبر بكثير من الإستثمار التقليدي، ويعد من أبرز النقاط التي تميز الإستثمار الجريء ما يلي:-


أولاً: نوع الشركات التي ستحظى بالاستثمار الجريء

 عادة نجد أن المستثمرون التقليديون يختارون الشركات ذات مخاطر منخفضة وافق زمني يختلف عن الإستثمار الجريء، والتي تكون قد تخطت مرحلة النمو وتكون بحاجة شديدة إلى المال، والإستثمار في هذه الحالة يتم أما بشكل مباشر أو من خلال شراء الشركة بغية إعادة الهيكلة، ثم السعي لبيعها لجني الأرباح، هذا وفى المقابل يكون سعي المستثمرون الجريئون لتمويل الشركات الناشئة التي لا تزال في طور النمو والتي تتمتع بإمكانيات كبيرة للتوسع.

ثانياً: حصة المستثمر في الشركة

المستثمر سواء كان مستثمر جريء أو مستثمر تقليدي يحصل دائماً على حصة في الشركة نتيجة استثماره فيها، ويكون هامش الاستملاك في الإستثمار التقليدي أكبر، غير أنه في حالة الإستثمار الجئر لا يطلب المستثمرون إلا جزء صغير من الأسهم تتراوح نسبته ما بين 20% و30%، ولا سيما أنه في المراحل المبكرة للشركة الناشئة للسماح بإمكانية الاستمرار بالاستثمار في المراحل المتقدمة، ثم يمكن أن ترتفع هذه النسبة مع نمو الشركة، وشركات الإستثمار الجريء تفضل الدخول بمعية مستثمرين آخرين مثلهم ليشاركوهم في إدارة المخاطر.

ثالثاً: تقييم الشركات 

 إن ما يفرق بين الإستثمار التقليدي والإستثمار الجريء في جزئية تقييم الشركات، هو في مدى اعتماد الشركات على بيانات التدفق النقدي وإيراداتها الحالية والملكية الفكرية وغيرها من الأصول غير الملموسة، فالاستثمار الجريء يُقيم الشركات وفقاُ لإمكاناتها المشروعة والقيمة المتوقعة مسبقاً للشركة الناشئة.

رابعاً: خطة التخارج من الشركة

 في الإستثمار الجريء يولي المستثمرون اهتمام كبير بنمو الشركة على المدى البعيد رغبة منهم بتعويضات مالية أكبر عند التخارج عبر الإدراج في الأسواق المالية أو عبر الإستحواذ على الشركة الناشئة من شركة كبرى، وكل هذا بخلاف الإستثمار التقليدي الذي يسعى فيه المستثمرون إلى تحسين الشركة وتطوير أعمالها بغية بيعها بعد ذلك لجني الأرباح منها، من دون أي نية في البقاء منخرطين بعمل الشركة لفترة طويلة.

خامساً: هامش الربح والمخاطرة

 يعد هامش المخاطرة أكبر في الإستثمار الجريء وهذا بعكس الإستثمار التقليدي الذي يركز على شركات راسخة ومعروفة تحدياتها، كما أن هامش الربح الممكن تحقيقه مع نمو الشركات الناشئة يعد أكبر بكثير، ولهذا السبب يُقدم المستثمرون الجريئون لتلك الشركات الناشئة الخبرة والمعرفة التي من شأنها أن تقلص وتحد من المخاطر أو الأخطاء التي قد تقترفها بعض الشركات في بداية نشأتها.

سادساً: المحفظة الإستثمارية

 ينوع الإستثمار الجريء محفظة إستثماراته في الشركات الناشئة بهدف تقليل المخاطر التي من الممكن التعرض لها، بخلاف الإستثمار التقليدي الذي يركز على شركات محددة ومعدودة.

قد يهمك قراءة: ما هو صندوق إستثمار التمويل المباشر؟


متى بدأ الإستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية؟

الإستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية بدأ منذ عام 2018م، وتم ظهوره من خلال تأسيس الشركة السعودية للإستثمار الجريء بهدف تحفيز واستدامة تمويل الشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من مرحلة ما قبل التأسيس إلى ما قبل الطرح الأول للاكتتاب العام عن طريق إستثمار 3.8 مليار ريال سعودي (ا$ مليار دولار أمريكي) من خلال الإستثمار في الصناديق والإستثمار بالمشاركة في الشركات الناشئة، ومنذ تأسيس الشركة تم دعم 30 صندوق وخمس مجموعات مستثمرين ملائكيين والتي استثمرت في أكثر من 400 شركة ناشئة ومنشأة صغيرة ومتوسطة في مختلف القطاعات، حيث نما الإستثمار الجريء خلال عامين فقط بنسبة وصلت إلى 124%.

سجل عام 2020م نمواً في صفقات الإستثمار الجريء حيث وصلت قيمتها 148 مليون دولار في 88 صفقة، كما أن قيمة الإستثمار في رأس المال الجريء قد بلغت حوالي 152 مليون دولار، وخلال النصف الأول من عام 2021م بلغت قيمة رأس المال الجريء الذي تم ضخه في الشركات الناشئة السعودية حوالي 168 مليون دولار.

وبهذا يكون الإستثمار الجريء قد حقق في المملكة العربية السعودية نمو بنسبة 65% عن نفس الفترة من العام الماضي، حيث يكون نتيجة لذلك قد اقتربت السعودية من أن تكون الدولة الأولى في المنطقة من حيث نشاط الإستثمار الجريء.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.