2 قراءة دقيقة
أثر إجراء التسوية الوقائية كإجراء من إجراءات الإفلاس

حرص المنظم السعودي عند إعداد قواعد نظام الإفلاس ولائحته التنفيذية على تضمينه العديد من الإجراءات المستحدثة والتي ثبتت فاعليتها عند التعامل بها، فمثلما كان من المهم أن يحافظ المنظم السعودي على حقوق الدائنين في المملكة، حرص أيضاً على حماية المدين من تقلبات الدهر، كالتواجد في حالات التعثر والإفلاس نتيجة الإضطرابات الإقتصادية، فإن مشكلات المديونية والإفلاس والتعثر أكثر العقبات التي تواجه الإقتصاد حديثاً وبالأخص التجار والشركات والمستثمرين، ولهذا تضمن نظام الإفلاس السعودي الجديد عدة إجراءات متميزة تمكن المدين المتعثر أو المفلس أو المتوقع معانته من إضطراب أوضاعه المالية من الإستفادة بتنظيم أوضاعه المالية، حتى يكون لديه المقدرة مجدداً من ممارسة نشاطه في المملكة، وهذا بمراعاة حقوق الدائنين، ومن تلك الإجراءات التي تضمنها نظام الإفلاس السعودي إجراء التسوية الوقائية، حيث يكون الهدف الأساسي والمرجو من هذا الإجراء هو توصل المدين المتعثر أو المفلس أو المتوقع أن يعاني من إضطراب مالي من الإتفاق مع دائنيه على تسوية ديونه، بجانب إحتفاظ هذا المدين بإدارة نشاطه، كما يوجد إجراء أخر يتمثل في إعادة التنظيم المالي للمدين أيضاً المتعثر أو المفلس أو المتوقع أن يعاني من إضطراب مالي، حيث يهدف هذا الإجراء إلى تيسير توصل المدين إلى إتفاق مع دائنيه على إعادة التنظيم المالي لنشاط المدين تحت إشراف ما يسمى بأمين إعادة التنظيم المالي، بالإضافة لإجراء التصفية التي يتم بالنسبة للمدين المفلس أو المتعثر فقط، ولكن هذا المقال سوف يكون تسليط الضوء فيه فقط على إجراء التسوية الوقائية كأحد إجراءات الإفلاس في المملكة العربية السعودية والأثار التي تترتب على البدء فيه.

ما هو إجراء التسوية الوقائية في السعودية؟

كما ذكرنا مسبقاً، أن الهدف من إجراء التسوية الوقائية في السعودية هو تيسير توصل المدين إلى إتفاق مع دائنيه على تسوية لديونه التي تكون في ذمته لهم، ويحتفظ المدين بموجب هذا الإجراء من التمكن من إدارة نشاطه، فطلب التسوية الوقائية هنا عبارة عن إجراء يتقدم به المدين للمحكمة ويطلب إفتتاحه، حيث أن هذا الإجراء يدعم إستمرار نشاط المدين وعدم إنهائه، كما يسهم في رفع نسبة سداده لديونه، ويتم من خلال هذا الإجراء تقديم مقترح وهو عبارة عن عرض التسوية الوقائية، حيث يجب أن يتضمن هذا المقترح نبذة عن الوضع المالي للمدين وتأثيرات الوضع الإقتصادي عليه وتصنيف الدائنين إلى فئات إذا تعدد الدائنون وكان هناك إختلاف في طبيعة ديونهم أو حقوقهم، وذلك وفق الفقرة الثانية من المادة الثالثة عشر والمادة التاسعة والعشرون من نظام الإفلاس السعودي، كما يجب وفق المادة الثانية والثلاثون من لائحة نظام الإفلاس أن يكون المقترح مؤشراً عليه من أمين مدرج في قائمة الأمناء بإستيفائه المعلومات والوثائق المطلوبة.

قد يهمك قراءة: إجراءات الإفلاس


إفتتاح إجراء التسوية الوقائية في السعودية 

أفادت المادة الخامسة عشرة من نظام الإفلاس السعودي بأن المحكمة تقوم بتحديد موعد للنظر في طلب إفتتاح إجراء التسوية الوقائية، خلال مدة لا تزيد على أربعين يوماً من تاريخ قيد الطلب، وتبلغ المحكمة المدين بموعد الجلسة خلال خمسة أيام من تاريخ قيد الطلب.

أفادت المادة الخامسة عشرة من نظام الإفلاس السعودي بأن المحكمة تقوم بتحديد موعد للنظر في طلب إفتتاح إجراء التسوية الوقائية، خلال مدة لا تزيد على أربعين يوماً من تاريخ قيد الطلب، وتبلغ المحكمة المدين بموعد الجلسة خلال خمسة أيام من تاريخ قيد الطلب.

ومن ناحية أخرى ترفض المحكمة إفتتاح الإجراء إذا كان الطلب غير مستوف للمتطلبات النظامية أو غير مكتمل دون مسوغ مقبول، أو إذا تصرف مقدم الطلب بسوء نية أو إرتكب أياً من الأفعال المجرمة وفق نظام الإفلاس، ويجب أن ننوه أنه يحق للمحكمة إذا قضت برفض الطلب أن تقضي بإفتتاح إجراء الإفلاس المناسب.

وبينت الفقرة الأولى من المادة السادسة عشرة من نظام الإفلاس السعودي أن المحكمة عند إصدار حكمها بإفتتاح إجراء التسوية الوقائية تحدد موعد تصويت الدائنين على مقترح التسوية، على أن يكون هذا الموعد خلال مدة لا تزيد عن أربعين يوماً من تاريخ إفتتاح الإجراء، إلا إذا رأت في الأحوال التي تقدرها تحديد موعد أخر يمكن أن يتجاوز أربعين يوماً أخرى.

ويكون المدين ملتزم وفق الفقرة الثانية من السادسة عشرة من نظام الإفلاس السعودي، والمادة الثالثة والثلاثون من اللائحة التنفيذية لنظام الإفلاس، بتبليغ الدائنين المحددين في المقترح بحكم المحكمة بإفتتاح إجراء التسوية الوقائية خلال سبعة أيام من تاريخ صدور الحكم، ودعوتهم للتصويت على المقترح، كما يجب أن يرفق بالتبليغ نسخة من المقترح أو ما يفيد إتاحة الإطلاع عليه بأي من الوسائل الإلكترونية التي تحددها لجنة الإفلاس.

أثر إفتتاح التسوية الوقائية على مطالبات الدائنين

أجازت المادة السابعة عشرة من نظام الإفلاس للمدين عند طلب إفتتاح إجراء التسوية الوقائية أن يطلب من المحكمة تعليق مطالبات الدائنين، على أن يرفق بطلبه تقريراً معداً من أمين مدرج بقائمة أمناء الإفلاس يتضمن ترجيحه لقبول أغلبية الدائنين للمقترح وإمكانية تنفيذه.

ويجوز للمحكمة وفقاً للمادة الثامنة عشرة من نظام الإفلاس تعليق المطالبات لمدة لا تزيد على تسعين يوماً من تاريخ إفتتاح الإجراء، ولها تمديد هذه المدة لثلاثين يوماً لمرة أو أكثر بناءً على طلب المدين، وفي جميع الأحوال يجب ألا تزيد مدة تعليق المطالبات على مائة وثمانين يوماً، واستثناء من ذلك يجوز للمحكمة بناءً على طلب ذي مصلحة وقف سريان تعليق المطالبات عن مطالبات محددة اتخذ بشأنها إجراء قبل سريان التعليق إذا ثبت لديها أن في ذلك مصلحة للمدين وأغلبية الدائنين، بالإضافة إلى ذلك تنظر المحكمة خلال مدة تعليق المطالبات في طلب الدائن الذي وجد عين ماله عند المدين.

ويقوم المدين وفقاً للمادة التاسعة عشرة من نظام الإفلاس بتبليغ دائنيه بقرار المحكمة بتعليق المطالبات فور صدوره، وعليه بذل العناية الواجبة خلال مدة تعليق المطالبات لإقناع دائنيه بالتصويت بالموافقة على المقترح، وتنتهي مدة تعليق المطالبات بإنقضاء المدة المحددة لها أو قبل ذلك بتصديق المحكمة على المقترح أو إنهاء الإجراء.

وأفادت المادة عشرون من نظام الإفلاس أنه يترتب على تعليق مطالبات الدائنين بطلان أي إجراء أو تصرف أو دعوى تجاه المدين أو أصوله، بما في ذلك التقدم بطلب إفتتاح أي من إجراءات الإفلاس، وكذلك بطلان أي إجراء للتنفيذ على أصول التفليسة المقدمة كضمانات، إلا بعد موافقة المحكمة، بالإضافة إلى بطلان أي إجراء أو تصرف ضد الضامن الشخصي أو مقدم الضمان العيني لدين المدين، إلا بعد موافقة المحكمة، ويجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ذي مصلحة أن تقضي بإسترداد أي أصول جرى التصرف فيها خلال مدة تعليق المطالبات أو بما تراه مناسباً، وذلك مع مراعاة حقوق الغير حسن النية، وللمتضرر أن يتقدم بدعوى التعويض.

كما يجوز للمحكمة وفقاً للمادة الحادية والعشرون من نظام الإفلاس خلال مدة تعليق المطالبات الموافقة على طلب التنفيذ على أصول التفليسة أو أصول الضامن لدين المدين المقدمة كضمانات في حالة إذا لم يترتب على التنفيذ تأثير في إستمرار نشاط المدين أو في الحصول على موافقة الدائنين والملاك على المقترح، وكذلك في حالة إذا كان رفض الطلب قد يلحق ضرراً بالغاً بالدائن المضمون يتعذر على المدين تعويضه عنه ويفوق الضرر الذي قد يلحق بالمدين والدائنين الآخرين.

قد يهمك قراءة: مهارات تحصيل الديون


أثر إفتتاح التسوية الوقائية على العقود التي يكون المدين طرفاً فيها

أكدت المادة الثانية والعشرون من نظام الإفلاس السعودي على أنه لا يترتب على قيد طلب إفتتاح إجراء التسوية الوقائية أو إفتتاحه حلول آجال الديون أو إستحقاق الثمن في العقود التي لم يحل أجل سدادها، ويعد باطلاً كل شرط بخلاف ذلك، بإستثناء عقود المنافسات والمشتريات الحكومية التي تبرمها الجهات الحكومية مع المدين.

وكذلك أكدت المادة الثالثة والعشرون من نظام الإفلاس السعودي على أنه لا يرتب قيد طلب إفتتاح إجراء التسوية الوقائية أو افتتاحه أثراً في أي عقد يكون المدين طرفاً فيه، ويعد باطلاً كل شرط بخلاف ذلك، بإستثناء عقود التمويل التي تبرمها الشركات المصرفية أو شركات التمويل مع المدين، وحيث أوضحت المادة الرابعة والعشرون من ذات النظام أن العقود التي يكون المدين طرف فيها قائمة بصرف النظر عن إفتتاح إجراء التسوية الوقائية، ويلتزم المتعاقد مع المدين بتنفيذ إلتزاماته التعاقدية بعد إفتتاح الإجراء، مقابل تنفيذ المدين لإلتزاماته التي نشأت بعد إفتتاح الإجراء، وتدرج في قائمة المطالبات إلتزامات المدين التعاقدية التي نشأت قبل إفتتاح الإجراء ولم يفي المدين بها، كما أنه إذا لم يفي المدين بعد إفتتاح الإجراء بإلتزاماته الناشئة عن العمل بالعقود التي يكون طرفاً فيها، فللمحكمة بناء على طلب المتعاقد إنهاء العقد وإبراء المتعاقد من إلتزاماته التعاقدية دون الإخلال بحقوقه.

ويكون المدين ملتزم ببذل العناية الواجبة لضمان الوفاء بإلتزاماته التعاقدية التي تنشأ بعد إفتتاح الإجراء بما في ذلك الوفاء الحال أو ما يقوم مقامه من الضمانات التي تضمن حق المتعاقد عند تنفيذه إلتزاماته، بحيث يتعين عليه وفق المادة السادسة والثلاثون من لائحة نظام الإفلاس السعودي، تقديم ضمان من المدين دون إخلال بأحكام التمويل المضمون، أو تقديم ضمان من الغير، كما يكون على المدين تنفيذ إلتزاماته التي نشأت بعد إفتتاح الإجراء في آجالها ما لم يتفق مع الطرف الآخر على غير ذلك.

وتجدر الإشارة إلى ما نصت عليه المادة الخامسة والعشرون من نظام الإفلاس السعودي والمادة السابعة والثلاثون من لائحته التنفيذية، بالنسبة لرغبة المدين في إنهاء العقود التي يكون طرف فيها، حيث يجب عليه تقديم طلب الإنهاء إلى المحكمة مع طلب إفتتاح إجراء التسوية الوقائية، وأن يرفق بالطلب تقرير من أمين مدرج في قائمة الأمناء يبين أن الإنهاء ضروري لحماية نشاط المدين، ويحقق مصلحة أغلبية الدائنين، ولا يرتب ضرر بالغ على المتعاقد، كما يجب على المدين أن يبلغ المتعاقد بموعد جلسة نظر المحكمة لطب الإنهاء قبل خمسة أيام على الأقل من موعدها، وبقرار المحكمة بالإنهاء خلال خمسة أيام من تاريخ صدوره إذا لم يحضر المتعاقد الجلسة.

ويعد المدين غير معفى من إلتزاماته المتعلقة بنشاطه بموجب الأنظمة الأخرى بسبب إفتتاح إجراء التسوية الوقائية والتصديق على المقترح، وذلك وفق ما أكدته المادة الثالثة والثلاثون من نظام الإفلاس السعودي.

قد يهمك قراءة: تقديم طلبات الإفلاس


إنهاء إجراء التسوية الوقائية


بينت المادة التاسعة والثلاثون من نظام الإفلاس أن المحكمة تقضي بإنهاء إجراء التسوية الوقائية في  حالة تقدم المدين إلى المحكمة بطلب إنهاء الإجراء لإكتمال تنفيذ الخطة، أو إذا لم يتحقق النصاب المطلوب في تصويت الملاك أو الدائنين على المقترح أو تعذر تصويت الملاك أو الدائنين عليه في الموعد المحدد، أو إذا رفضت المحكمة التصديق على المقترح، أو إذا تقدم المدين بطلب إنهاء الإجراء لكون شروط إفتتاح الإجراء لم تعد منطبقة عليه، أو إذا تقدم المدين أو الدائن بطلب إنهاء الإجراء لتعذر تنفيذ الخطة، أو إذا تقدم المدين بطلب إنهاء الإجراء لعدم رغبته في الإستمرار في إدارة نشاطه أو إستكمال تنفيذ الخطة، أو إذا تقدم ذو مصلحة بطلب إنهاء الإجراء لوجود مخالفات مؤثرة خلال الإجراء أو لإرتكاب المدين لفعل من الأفعال المجرمة في نظام الإفلاس السعودي، ويلتزم المدين بموجب المادة الأربعون من النظام، بإيداع حكم المحكمة بإنهاء الإجراء في سجل الإفلاس، خلال مدة لا تزيد على خمسة أيام.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.